الجمعة، 26 مارس 2010

الأمــل مصباح منير من مصابيح نيرة

أخوانى الافاضل وأخواتى الفضليات يشهد الله انى احبكم فى الله



أسمحوا لى اليوم اتحدث معكم فى موضوع اعتقد انه يمس كل قلب فينا


وكل انسان فينا يبحث عنه


ويتمنى ان يجده ويعيش لاجله


الا وهو الأمـل


مـا أجمل هذه الكلمة!! وما أروع التأمل في معناها فهو المنشار الذي يحطم أشجار اليأس في غابات الحــياة










والبخار الذي يفتح مسامات الجلد لتخرج إفرازات اليأس هو ذلك الغيث الذي يمطرنا بقطراته النديه فتنطفىء


شعلة نار اليأس ..


والأمـل هو الشمعه التي تذيب جليد اليأس ..فياله من معنى كبير يعجز اللسان والبيان من الوصول الى حقيقة


معناه


لذلك لنحاول ايضا ان نرطب جو حياتنا بعطر الأمل ولنعش حياتنا بالأمل دون ملل أو كلل أو إحباط


وتهل علينا نسمات الامل وتتحول القلوب القلقة الى قلوب مطمئنة هادئة


الأمل مملكة نجنح إليها كلما تكالبت علينا مصائب الدنيا وهمومها ..


فتقينا بظلالها الدافئة وتعصمنا بأسوارها المنيعة من رياح المآسي الهوجاء


التي تهب علينا من كل حدب وصوب


غير آبية بضعفنا وهشاشة عودنا فتظل تناوشه وتشاغله


حتى تقصمه ومن ثم ترمي به في براثن اليأس


ليعيش فيها لا يحس بالحياة ولا بمرور الزمن من حوله .


مع الأمل تصغر عظائم المصائب وتتلاشى هواجس الأوهام التي طالما نخرت في تفكيرنا


وأحالتنا إلى كتلة من الأحاسيس والمشاعر المتضاربة










هل أصبحت حياتنا كالسفينة تلعب بها الأقدار في بحر مظلم










ونحن فيها نبحث عن ارض جديدة ؟


وفي هذا المعنى قال الشاعر:


أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل


وكيف يا اخوانى واخواتى فى الله








كيف يتطرق اليأس إلى نفس المؤمن وهو يقرأ قول الله تعالى : ( ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)؟.


أم كيف يتمكن منه قنوط وهو يردد كلما قرأ القرآن قوله تعالى : ( ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون)؟.


إن العبد حين يكون مؤمنا حقا فإنه لن ييأس بل سيكون دائما مستبشرا راضيا متطلعا للأحسن في كل الأمور أصابه في طريقه ما أصابه وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير؛إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له". فهو في كل الأحوال موعود بالخير فكيف ييأس؟.


إنه ومن خلال إيمانه يستشعر أن الله عز وجل معه وهو ناصره وكافيه وبناء على ذلك فهو إذا مرض رجا العافية والأجر: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ). ( الشعراء:80).


وإذا ضعفت نفسه في وقت من الأوقات فوقع في معصية سارع بالتوبة راجيا عفو الله ورحمته واضعا نصب عينيه قوله تعالى:


(قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر: 53).


وإذا أصابه ضيق او عسر أيقن أنها شدة عما قريب ستنجلي فلن يغلب عسر يسرين: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا).


إن المؤمن في كل أحواله صاحب أمل كبير في روح الله وفرجه ومعيته ونصره ؛ لأنه لا يقف عند الأسباب الظاهرة فحسب، بل يتعداها موقنا أن لها خالقا ومسببا وهو الذي بيده ملكوت كل شيء وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون،فيمتلىء قلبه توكلا ورجاء وأملا. وهذا ما يفتقده غير المؤمنين؛لذلك تراهم ينتحرون ويصابون بالعقد والأمراض النفسية الكثيرة،نسأل الله العافية.
أختكم فى الله أم نيره الغالية


الخميس، 11 مارس 2010

هم وما ادراك من هم انهم مصــــــابيح نيرة



هم قوم اصطفاهم الله بمحبّته ، وآثرهم بفضله ورحمته ،و جعلهم من أهله و خاصته , و كساهم حللا من العلم و الإيمان و أغدق عليهم من الهيبة و الجلال ما الله به عليم .

ميزهم الله و أثنى عليهم في كثير من المواطن في كتابه العزيز , فجعل شهادتهم مقدمة على غيرهم من الناس فهم الثقات العدول الذين استشهد الله بهم على أعظم مشهود ، وهو توحيده تبارك وتعالى .

قال الله تعالى:{ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائمًا بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم}[ آل عمران : 18].

أولئك أهل العلم !

و ما أدراك من أهل العلم !!

هم قوم زكاهم الله وأثنى عليهم لأنهم لا يحملون إلا آياته سبحانه, فجعل كتابه آيات بينات في صدورهم ، به تنشرح وتفرح وتسعد ,قال الله تعالى:{بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون}[ العنكبوت:49].

هم ورثة الأنبياء , وهم أهل الذكرالذين أوجب الله سؤالهم، و هم من أولي الأمر الذين أمرنا الله عز وجل بالرجوع لهم والصدور عن قولهم، ، كما قال الله تعالى:{فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}[ النحل:43]. قال تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 83].

هم قوم حباهم الله سموا و رفعة في الدنيا و الآخرة و لا يساويهم أحد في منزلتهم ولا رتبتهم
قال تعالى:{يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}[ المجادلة :11],و قل جل في علاه {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9].

هم أعقل الناس بمراد الله قال تعالى {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: 43]و قال أيضا {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7]و كذا قال {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} [النساء: 162] و قال {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} [الحج: 54] و قال جل جلاله {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} [سبأ: 6]

و هم أبصر الناس بالشر ومداخله قال تعالى:{قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ} [النحل: 27] و قال جل في علاه { وقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ} [القصص: 80].

هم أكثر الناس خشية من الله تعالى :
قال الله تعالى:{إنَّما يخشى الله من عباده العلماء}[ فاطر:28].
وقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا}[ الإسراء :107-109 ]..ولذلك تجدهم يتورعون ويخافون ويبكون كما كان فعل السلف الصالح-رحمهم الله تعالى-.

و هم أبعد الناس عن لعنة الله , فعن أبي هريرة-رضي الله عنه- أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه وعالما أو متعلم "إسناده حسن،أخرجه الترمذي(2322)،انظر [صحيح الجامع]برقم(1609)

فبين صلى الله عليه و سلم أن كل ما في الدنيا هالك وزائل لا قيمة له ، والمستثنى من ذلك صنفان من النَّاس:العالم والمتعلم ، والذاكرون الله سبحانه وتعالى.

هم قوم لا ينقطع عملهم بموتهم كسائر البشر,بل يتعدى نفعهم للغير بخلاف غيرهم ممن يعيش ويموت ولا ينفع إلا نفسه، وأمَّا أهل العلماء الربانيون الذين ينتفع بعلمهم من بعدهم فهؤلاء يضاعف لهم في والأجر عند الله تبارك وتعالى.
عن أبي هريرة-رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة:إلا من صدقة جارية،أو علم ينتفع به،أو ولد صالح يدعو له"[ أخرجه مسلم].

ولله در القائل حين قال:

ما الفخر إلا لأهل العلم إنهـم ** على الهدى لمن استهدى أدلاّء
وقدر كلّ امرئ ما كان يحسنه ** والجاهـلون لأهل العلم أعداء
ففز بعلم تعـش حيـاً به أبداً *** الناس موتى وأهل العلم أحياء

و هم قوم يكفيهم شرفا أن خصهم الرحمن باستغفار كل شيء لهم : حتى الحيتان في البحر
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( صاحب العلم يستغفر له كل شيء حتى الحوت في البحر ))[ أخرجه أبو يعلى بسند صحيح ].

إذا نظرت إليهم وجدتهم أنضر الناس وجوها و أكثرها إشراقا ،بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم .
قال صلى الله عليه وسلم:"نضر الله امرأ سمع مقالتي فبلغها،فرب حامل فقه غير فقيه،رب حامل فقه إلى من هو أفقه"إسناده صحيح ،أخرجه ابن ماجه (230).

مجالسهم محفوفة بالملائكة مغشية بالرحمة و السكينة وذكرهم في الملأ الأعلى يسري
قال صلى الله عليه و سلم «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفّتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده»(رواه مسلم وأبو داود وأحمد والترمذي عن أبي هريرة)

و أما جليسهم فلا يشقى بهم قال صلى الله عليه و سلم [هم القوم لا يشقى بهم جليسهم...]رواه الترمذي

موتهم من أعظم المصائب التي تصيب الأمة وتدهمها ، فإنه بذهابهم يذهب العلم . روى ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال :[ لموت ألف عابد قائم الليل صائم النهار ، أهون من موت العاقل البصير بحلال الله وحرامه] . وروى أيضاً عن الحسن البصري قال : [ موت العالم ثُلْمَةٌ في الإسلام لا يسدها شيء] . وروى أيضاً عن سعيد بن جبير قيل له : ما علامة الساعة وهلاك الناس ؟ قال [إذا ذهب علماؤهم].

و هم أولياء الله تعالى و أحبابه المبشرون {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62]، قال الشافعي: إذا لم يكن العلماء أولياء الله فلا أعرف لله وليًا].

و لذا وجب توقيرهم و الذب عنهم و عدم التشهير بسقطاتهم و زلاتهم لأنهم -و رغم عظيم مكانتهم- إلا أنهم يظلون بشرا يصيبون و يخطئون ..
و من أبى إلا أن يؤذيهم و يعاديهم فحرب المنتقم سبحانه تنتظره ,,لأنهم أولياءه و أحبابه كما تقدم و قد توعد من عادى أوليائه ,قال صلى الله عليه و سلم قال : «قال الله تعالى من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب» أخرجه البخاري.

فالحذر الحذر من أذيتهم و عداواتهم!

قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى: [وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر وأهل الفقه والنظر، لا يُذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل] اهـ(.العقيدة الطحاوية ص445)

و الله تعالى أعلم
الحياة علّمتني الإشفاق على الضعيف، وألاّ أسخر من عاجز، ولا أتفاخر بلقب، وخيركم من تعلّم سماحة الإسلام
الحياة علمتنى الصبر لا أجزع ولا أضجر ويظلُّ رجائي بالله عزّ وجلّ يُعمر قلبي وفؤادي، ومن صبر ظفر، والله لا يُخيّب رجاء عباده الصالحين

همسات نيرة فى مصابيح نيرة



همسات مُتفرقة
أبثها لكم أسأل الله أن يكتب بها الإخلاص والقبول.
إذا أبحرت سفينتك في بحور الشهوات والشبهات ورفعت شراع الأمل والتسويف تذكر أن للسفينة مرسى ستتوقف فيه ...فاستعد.
في هجوعك ودعتك وسكون الليل والأنام ..تذكر أن وراءك نوماً طويل ..وصراط مُظلم ..وحساباً عظيم وما بين ذاك وذاك حسرات ..زفرات ..أماني ...صرخات ..وبعدها إن للمتقين مفازاً حدائق وأعناباً..و في سموم وحميم فتيقظ وأنر دربك بسجدتين في جوف الظلام.
حروف يوسفية ..وألوان محمدية ..وحركات إبراهيمية ويونسية..مع حب رب البرية..امتزجت فأخرجت ابتلاء مع الصبر ويقين ..وبعده انفراج ويسر فأبشر وأمل يا من ابتليت..سينجلي الظلام والصبح آت آت "أليس الصبح بقريب"!
سار الركب إلى الجنة مُسرعاً ..وأنت خالد في سهادٍ عميق ً فصاح منادٍ "يا أبن آدم تركتنا فتركناك ".
طعاماً كثير وعيش رغيد...وغفلة مع معصية .. بُنيت في موقع الصلاح فأنّ لك من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة "!
هم تعرقت جباههم لله واغبرت أقدامهم لله ..جاعوا ونصبوا وفقدوا..شعارهم والآخرة خير وأبقى ..وأنت متمني باكي ..فشتان شتان بين الفريقين يوم المعاد " فهل يستوي! "
ناحت طيور الإيمان التي لطالما حلقت في سماء القلب الصافي والسبب تساقط أمطار عذاب "الجوارح" فهيهات هيهات يا صاح ما موقفك يوم تعرض حسناتك فتطيش عند غدراتك وسقطاتك !

إياك ثم إياك أن تكون من الذين يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله


اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
إياك أن تكون من الذين يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله
في الحديث: قال النبي :لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامةبحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباءً منثوراً، قيل: يا رسول الله صفهم لنا، جلّهم لنا، أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم؟ قال: أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم قوم إذا خلو بمحارم الله انتهكوها.

قد يبتعد الإنسان عن المعاصي والذنوب إذا كان يحضره الناس، وعلى مشهد منهم، لكنهإذا خلا بنفسه، وغاب عن أعين الناس، أطلق لنفسه العنان، فاقترف السيئات، وارتكب المنكرات،وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراًالإسراء:17] وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ البقرة: 74.

بل إن الإنسان ليقع في ذنب، لو كان بحضرته طفل لامتنع من الوقوع فيه، فصار حياؤهمن هذا الطفل أشد من حيائه من الله جل وعلا، أتراه - في هذه الحالة - مستحضراً قولالله تعالى: أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَايُعْلِنُونَ البقرة

:77أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِالتوبة: 78.

ويحك يا هذا، إن كانت جراءتك على معصية الله لاعتقاد أن الله لا يراك، فما أعظم كفرك، وإن كان علمك باطلاعه عليك، فما أشد وقاحتك، وأقل حياءك!! يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً النساء:108



من أعجب الأشياء أن تعرف الله ثم تعصيه، وتعلم قدر غضبه ثم تعرض له، وتعرف شدةعقابه ثم لا تطلب السلامة منه، وتذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تهرب منها ولاتطلب الأنس بطاعته.

قال قتادة: ابن آدم، والله إن عليك لشهوداً غير متهمة في بدنك، فراقبهم، واتق الله في سرك وعلانيتك، فإنه لا يخفى عليه خافية، الظلمة عنده ضوء، والسر عنده علانية، فمن استطاع أن يموت وهو بالله حسن الظن فليفعل، ولا قوة إلا بالله.

وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَايَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ فصلت:23،22.

قال ابن الأعرابي: آخر الخاسرين من أبدى للناس صالح أعماله، وبارز بالقبيح منهو أقرب إليه من حبل الوريد.

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ق:16.

إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل*** خلوت ولكن قل عليّ رقيبُ

ولا تحسبنّ الله يغفل ساعةً *** ولا أن ما نخفيه عنه يغيبُ

إن تقوى الله في الغيب، وخشيته في السر، دليل كمال الإيمان، وسبب حصول الغفران،ودخول الجنان، بها ينال العبد كريم الأجر وكبيره إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ[يس:11] إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ[الملك:12] وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُم مَّايَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [ق:31-35.

وكان من دعاء النبي : أسألك خشيتك في الغيب والشهادةوالمعنى أن العبد يخشى الله سراً وعلانية، ظاهراً وباطناً، فإن أكثر الناس قد يخشى الله في العلانية وفي الشهادة، ولكن الشأن خشية الله في الغيب إذا غاب عن أعين الناس فقد مدح الله من خافه بالغيب.

وكان بكر المزني يدعو لإخوانه: زهّدنا الله وإياكم في الحرام، زهادة من أمكنه الحرام والذنب في الخلوة فعلم أن الله يراه فتركه.

وقال بعضهم: ( ليس الخائف من بكى فعصر عينيه، إنما الخائف من ترك ما اشتهى من الحرام إذا قدر عليه.

إذا السر والإعلان في المؤمن استوى***فقد عزّ في الدارين واستوجب الثنا

فإن خالف الإعلان سراً فما له *** على سعيه فضل سوى الكدّ والعنا



الأمور الموجبة لخشية الله عز وجل

1 - قوة الإيمان بوعده ووعيده على المعاصي.

2 - النظر في شدة بطشه وانتقامه وسطوته وقهره، وذلك يوجب للعبد ترك التعرض لمخالفته، كما قال الحسن: ( ابن آدم، هل لك طاقة بمحاربة الله، فإن من عصاه فقدحاربه ).

وقال بعضهم: عجبت من ضعيف يعص قوياً.

3 -قوة المراقبة لله، والعلم بأنه شاهد رقيب على قلوب عباده وأعمالهم، وأنه مععباده حيث كانوا فإن من علم أن الله يراه حيث كان، وأنه مطلع على باطنه وظاهره وسره وعلانيته، واستحضر ذلك في خلواته، أوجب له ذلك ترك الماصي في السر.

قال وهب بن الورد: ( خف الله على قدر قدرته عليك، واستحي منه قدر قربه منك. وقال: اتق الله أن يكون أهون الناظرين إليك.

4 - استحضار معاني صفات الله تعالى، ومن صفاته ( السمع، والبصر، والعلم )، فكيف تعصي من يسمعك، ويبصرك ويعلم حالك؟!..فإذا استحضر العبد معاني هذه الصفات، قويعنده الحياء، فيستحي من ربه أن يسمع منه ما يكره، أو يراه على ما يكره، أو يخفي في سريرته ما يمقته عليه، قتبقى أقواله وحركاته وخواطره موزونة بميزان الشرع غير مهملة ولا مرسلة تحت حكم الطبيعة والهوى.

قال ابن رجب: فتقوى الله في السر، هي علامة كمال الإيمان، ولها تأثير عظيم في إلقاء الله لصاحبها الثناء في قلوب المؤمنين

قال أبو الدرداء: ( ليتق أحدكم أن تلعنه قلوب المؤمنين وهو لا يشعر، يخلو بمعاصي الله، فيلقي الله له البغض في قلوب المؤمنين.

وقال سليمان التيمي: ( إن الرجل ليصيب الذنب في السر، فيصبح وعليه مذلته

وقال غيره: ( إن العبد ليذنب الذنب فيما بينه وبين الله ثم يجيء إلى إخوانه فيرون أثر ذلك الذنب عليه.

وهذا أعظم الأدلة على وجود الإله الحق، المجازي بذرات الأعمال في الدنيا قبل الآخرة، ولا يضيع عنده عمل عامل، ولا ينفع من قدرته حجاب ولا استتار.

فالسعيد من أصلح ما بينه وبين الله، فإنه من أصلح ما بينه وبين الله، أصلح اللهما بينه وبين الخلق، ومن التمس محامد الناس بسخط الله عاد حامده من الناس ذاماً له.

ومن أعجب ما روي في هذا، ما روي عن أبي جعفر السائح قال: ( كان حبيب أبو محمد تاجراً يكري الدراهم، فمر ذات يوم بصبيان فإذا هم يلعبون، فقال بعضهم لبعض: قد جاءآكل الربا. فنكس رأسه، وقال: يا رب، أفشيت سري إلى الصبيان. فرجع فجمع ماله كله،وقال: يا رب، إني أسير، وإني قد اشتريت نفسي منك بهذا المال فاعتقني، فلما أصبحت صدق بالمال كله، وأخذ في العبادة، ثم مرّ ذات يوم بأولئك الصبيان، فلما رأوه قال بعضهم لبعض: اسكتوا فقد جاء حبيب العابد. فبكى، وقال: يا رب، أنت تذم مرة وتحمد مرة، وكله من عندك.

قال سفيان الثوري: ( إن اتقيت الله كفاك الناس، وإن اتقيت الناس لن يغنوا عنك من الله شيئاً ). وودّع ابن عون رجلاً فقال: ( عليك بتقوى الله، فإن المتقي ليست عليهوحشة.

قال زيد بن أسلم: كان يقال: من اتقى الله أحبه الناس وإن كرهوا.



نسأل الله عز وجل أن يرزقنا خشيته في الغيب والشهادة، وفي السر والعلانية

اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي