الخميس، 11 مارس 2010

هم وما ادراك من هم انهم مصــــــابيح نيرة



هم قوم اصطفاهم الله بمحبّته ، وآثرهم بفضله ورحمته ،و جعلهم من أهله و خاصته , و كساهم حللا من العلم و الإيمان و أغدق عليهم من الهيبة و الجلال ما الله به عليم .

ميزهم الله و أثنى عليهم في كثير من المواطن في كتابه العزيز , فجعل شهادتهم مقدمة على غيرهم من الناس فهم الثقات العدول الذين استشهد الله بهم على أعظم مشهود ، وهو توحيده تبارك وتعالى .

قال الله تعالى:{ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائمًا بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم}[ آل عمران : 18].

أولئك أهل العلم !

و ما أدراك من أهل العلم !!

هم قوم زكاهم الله وأثنى عليهم لأنهم لا يحملون إلا آياته سبحانه, فجعل كتابه آيات بينات في صدورهم ، به تنشرح وتفرح وتسعد ,قال الله تعالى:{بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون}[ العنكبوت:49].

هم ورثة الأنبياء , وهم أهل الذكرالذين أوجب الله سؤالهم، و هم من أولي الأمر الذين أمرنا الله عز وجل بالرجوع لهم والصدور عن قولهم، ، كما قال الله تعالى:{فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}[ النحل:43]. قال تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 83].

هم قوم حباهم الله سموا و رفعة في الدنيا و الآخرة و لا يساويهم أحد في منزلتهم ولا رتبتهم
قال تعالى:{يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}[ المجادلة :11],و قل جل في علاه {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9].

هم أعقل الناس بمراد الله قال تعالى {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: 43]و قال أيضا {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7]و كذا قال {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} [النساء: 162] و قال {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} [الحج: 54] و قال جل جلاله {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} [سبأ: 6]

و هم أبصر الناس بالشر ومداخله قال تعالى:{قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ} [النحل: 27] و قال جل في علاه { وقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ} [القصص: 80].

هم أكثر الناس خشية من الله تعالى :
قال الله تعالى:{إنَّما يخشى الله من عباده العلماء}[ فاطر:28].
وقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا}[ الإسراء :107-109 ]..ولذلك تجدهم يتورعون ويخافون ويبكون كما كان فعل السلف الصالح-رحمهم الله تعالى-.

و هم أبعد الناس عن لعنة الله , فعن أبي هريرة-رضي الله عنه- أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه وعالما أو متعلم "إسناده حسن،أخرجه الترمذي(2322)،انظر [صحيح الجامع]برقم(1609)

فبين صلى الله عليه و سلم أن كل ما في الدنيا هالك وزائل لا قيمة له ، والمستثنى من ذلك صنفان من النَّاس:العالم والمتعلم ، والذاكرون الله سبحانه وتعالى.

هم قوم لا ينقطع عملهم بموتهم كسائر البشر,بل يتعدى نفعهم للغير بخلاف غيرهم ممن يعيش ويموت ولا ينفع إلا نفسه، وأمَّا أهل العلماء الربانيون الذين ينتفع بعلمهم من بعدهم فهؤلاء يضاعف لهم في والأجر عند الله تبارك وتعالى.
عن أبي هريرة-رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة:إلا من صدقة جارية،أو علم ينتفع به،أو ولد صالح يدعو له"[ أخرجه مسلم].

ولله در القائل حين قال:

ما الفخر إلا لأهل العلم إنهـم ** على الهدى لمن استهدى أدلاّء
وقدر كلّ امرئ ما كان يحسنه ** والجاهـلون لأهل العلم أعداء
ففز بعلم تعـش حيـاً به أبداً *** الناس موتى وأهل العلم أحياء

و هم قوم يكفيهم شرفا أن خصهم الرحمن باستغفار كل شيء لهم : حتى الحيتان في البحر
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( صاحب العلم يستغفر له كل شيء حتى الحوت في البحر ))[ أخرجه أبو يعلى بسند صحيح ].

إذا نظرت إليهم وجدتهم أنضر الناس وجوها و أكثرها إشراقا ،بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم .
قال صلى الله عليه وسلم:"نضر الله امرأ سمع مقالتي فبلغها،فرب حامل فقه غير فقيه،رب حامل فقه إلى من هو أفقه"إسناده صحيح ،أخرجه ابن ماجه (230).

مجالسهم محفوفة بالملائكة مغشية بالرحمة و السكينة وذكرهم في الملأ الأعلى يسري
قال صلى الله عليه و سلم «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفّتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده»(رواه مسلم وأبو داود وأحمد والترمذي عن أبي هريرة)

و أما جليسهم فلا يشقى بهم قال صلى الله عليه و سلم [هم القوم لا يشقى بهم جليسهم...]رواه الترمذي

موتهم من أعظم المصائب التي تصيب الأمة وتدهمها ، فإنه بذهابهم يذهب العلم . روى ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال :[ لموت ألف عابد قائم الليل صائم النهار ، أهون من موت العاقل البصير بحلال الله وحرامه] . وروى أيضاً عن الحسن البصري قال : [ موت العالم ثُلْمَةٌ في الإسلام لا يسدها شيء] . وروى أيضاً عن سعيد بن جبير قيل له : ما علامة الساعة وهلاك الناس ؟ قال [إذا ذهب علماؤهم].

و هم أولياء الله تعالى و أحبابه المبشرون {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62]، قال الشافعي: إذا لم يكن العلماء أولياء الله فلا أعرف لله وليًا].

و لذا وجب توقيرهم و الذب عنهم و عدم التشهير بسقطاتهم و زلاتهم لأنهم -و رغم عظيم مكانتهم- إلا أنهم يظلون بشرا يصيبون و يخطئون ..
و من أبى إلا أن يؤذيهم و يعاديهم فحرب المنتقم سبحانه تنتظره ,,لأنهم أولياءه و أحبابه كما تقدم و قد توعد من عادى أوليائه ,قال صلى الله عليه و سلم قال : «قال الله تعالى من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب» أخرجه البخاري.

فالحذر الحذر من أذيتهم و عداواتهم!

قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى: [وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر وأهل الفقه والنظر، لا يُذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل] اهـ(.العقيدة الطحاوية ص445)

و الله تعالى أعلم
الحياة علّمتني الإشفاق على الضعيف، وألاّ أسخر من عاجز، ولا أتفاخر بلقب، وخيركم من تعلّم سماحة الإسلام
الحياة علمتنى الصبر لا أجزع ولا أضجر ويظلُّ رجائي بالله عزّ وجلّ يُعمر قلبي وفؤادي، ومن صبر ظفر، والله لا يُخيّب رجاء عباده الصالحين

ليست هناك تعليقات: